نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا لنوح بونسي، حول التدخل الروسي في سوريا، قال فيه إن روسيا أطلقت حملة جوية في سوريا في (30|9)، بعد حوالي 36 ساعة من لقاء نادر بين بوتين وأوباما.
وتبين المجلة أن "موسكو قد تعتقد أنها قادرة على تحقيق ما حققته في الشيشان بقمع الثورة الإسلامية بوحشية، وفي الوقت ذاته الهروب من المهانة التي أصابتها في أفغانستان. صحيح أن المعارضة السورية لا تحظى إلا بداعمين كسالى، ليس كما كان حال المقاتلين الأفغان، ولكن سوريا لا تشبه الشيشان أيضا".
ويقول بونسي: "أولا: ليست هناك فرصة للتحالف مع المجتمعات التي يأتي منها الثوار، فبدلا من ذلك ربطت روسيا حظوظها في الميدان بنظام ينظر إليه في المناطق التي يسيطر عليها الثوار على أنه عدو خارجي ومحتل عندما يدخل منطقة للثوار. وهذه النظرة بالتأكيد ستكون أقوى عندما يكون المقاتلون أجانب، سواء كانوا من حزب الله أو من المليشيات الشيعية العراقية أو الأفغانية أو الإيرانية والآن الروس".
ويضيف الكاتب: "ثانيا: لم يحظ الثوار الشيشان بدعم خارجي، بينما يحظى الثوار السوريون بدعم خارجي، وإن لم يكن منسقا بشكل جيد. وربما تأمل روسيا بأنها بهذا التدخل بشكل قوي ستجعل واشنطن تخاف وتوقف دعمها للثوار، وفي الوقت ذاته تقنع الداعمين الإقليميين للثوار بأن الدعم لا يستحق التكلفة والمخاطر المتعلقة به".
ويفيد التقرير بأنه مع أن هذه الدول لا مانع لديها من التوصل إلى اتفاق مع موسكو من حيث المبدأ، إلا أنها غالبا ليس لديها استعداد لقبول اتفاق تكون فيه إيران والأسد في الصورة، وهما القوتان اللتان تعمق روسيا تعاونها معهما. لافتا إلى أن قرار روسيا بتركيز الغارات على المعارضة المتحالفة مع أنقرة والرياض والدوحة بدلا من تنظيم الدولة، سيؤدي إلى تشجيعهم على التصعيد بدلا من الاستسلام.
وتنوه المجلة إلى أن الغارات الروسية والهجوم البري، الذي تدعمه إيران، قد يؤديان، إن لم يتم التعامل معهما، إلى تحقيق أضرار خطيرة للمعارضة الرئيسة، التي يعتمد أي حل نهائي عليها. فبالإضافة إلى الخسائر البشرية التي قد تتكبدها هذه المعارضة، فإنها ستجد منافسة قوية على المقاتلين من تنظيم الدولة وجبهة النصرة اللذين يوظفان دخول روسيا وإيران بشكل سافر على الخط؛ لجذب المزيد من المقاتلين. وهذا الأمر لا يبدو أنه يقلق روسيا، التي تستثمر في استراتيجية النظام، وتهدف إلى شل المعارضة الرئيسة لتبقى في نظر الدول الغربية الوحيدة القادرة على محاربة تنظيم الدولة.
ويوضح الكاتب أن هذا هو السيناريو الذي يحاول مؤيدو المعارضة الاقليميون منع حدوثه. ويقول إنهم "لذلك سيرون سببا واضحا لزيادة دعمهم. كما يجب على تلك القوى إقناع الفصائل غير الجهادية بتشكيل معارضة واحدة قوية، تستطيع أن تجلس على طاولة المفاوضات. ومع سوء التنسيق وتراجع مصداقية أمريكا في معسكر المعارضة، فغالبا ما يوزع الدعم بشكل عشوائي".
وتخلص "فورين بوليسي" إلى القول: "إن كانت موسكو وطهران تأملان بأن تحصلا على تنازلات بدلا من تصعيد مقابل، فهما بحاجة إلى الرجوع عن موقفين أساسيين: استمرار حكم الأسد، وارتباط سوريا بمحور إيران إقليميا. وهذا ما يبدو غير متوقع، حتى عندما تجدان ثمن التدخل أكبر من المكاسب. وفي غياب تحول كامل في التوجهات الأمريكية، ستبدأ روسيا مرحلة جديدة في هذه الحرب، حيث ستكون التكلفة والمخاطر عالية للجميع، ولا تقدم احتمالا أفضل للتوصل إلى حل".
وفي زيارة محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي الأخيرة إلى موسكو حذر الروس من عواقب وخيمة جراء تدخلهم لصالح نظام الأسد وأن على بوتين مواجهة "نفير سني" ليؤكد وزير الخارجية السعودية عادل الجبير أن الرياض لم تغير موقفها من الأسد الذي كرر أكثر من مرة إن على بشار الأسد الرحيل إما بحل سياسي أو بالقوة العسكرية. وللرياض شركاء مثل أنقرة والدوحة لن يقبلوا أن ينتصر نظام الأسد وإيران على الشعب السوري. كما اشتكى وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف من تجاهل واشنطن للتنسيق معها في التدخل في سوريا كاشفا النقاب عن رفض واشنطن استقبال وفد روسي رسمي لمناقشة التعاون بينهما في وقت تم الإعلان عن احتكاك بين طائرة أمريكية وأخرى روسيا في الأجواء السورية بعد عدة خروقات جوية لمقاتلات روسية للأجواء التركية وسط وعيد تركي بإسقاط أي طائرة تخترق أجواءها.