قال المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إن انسحاب روسيا من سوريا عسكرياً وبصورة مفاجئة يعكس خلافات الطرفين، كما يشير إلى رغبة موسكو بتفادي التورط أكثر في ظل وجود مسار سياسي متفق عليه مسبقاً.

وأشار المركز العربي، ومقره الدوحة، في ورقة تقدير موقف أصدرها الأربعاء  إلى أن الغارات التي شنها سلاح الجو الروسي تركزت على قوات المعارضة المسلحة، مما يشير إلى أن هدف روسيا الفعلي من التدخل كان يتمثل في وقف انهيار الجيش السوري واستعادة التوازن بما يسمح بإطلاق عملية سياسية لا يخرج منها النظام مهزوماً.

وأضاف المركز أن الإنهاك والعطب اللذين أصابا الجيش السوري وعجزه عن استعادة أي جزء صغير من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، لم تكن معروفة لدى الجيش الروسي، والذي تعرف عليها فيما بعد.

وذكرت ورقة المركز العربي أن القرار الروسي جاء بالانسحاب الجزئي من سوريا متزامناً مع استئناف المفاوضات في جنيف، وقد بدا واضحاً أنّ الرئيس بوتين اكتفى بإبلاغ الأسد بقراره هاتفياً؛ ما يعكس استياء روسيا من محاولة نظامه التملّص من التفاهمات الروسية – الأمريكية التي تمّ التوصّل إليها وشملها قرار مجلس الأمن 2254، وكذلك القرار 2268 في فبراير 2016 الذي تضمّن شروطاً وآليات مراقبة وقف إطلاق النار في سوريا.

واستنتجت ورقة المركز أن روسيا سحبت الجزء الأكبر من قواتها من سوريا عشية بدء مفاوضات جنيف، جاء على خلفية اتساع حجم الخلافات مع الأسد وإيران بشأن العملية التفاوضية والنتائح المتوقعة.

مكالمة عاصفة بين بوتين والأسد

من جهة أخرى، أفادت مصادر دبلوماسية عربية رفيعة في العاصمة موسكو أن القرار الروسي المفاجئ الذي أعلنه الكرملين عن سحب جزء كبير من القوات الروسية من سوريا جاء بعد "مكالمة هاتفية عاصفة" بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبشار الأسد.

ونقلت مصادر صحفية، اليوم الخميس، عن المصادر القول إن بوتين عرض على الأسد اقتراحات تتعلق بمفاوضات جنيف، وإن الأخير كرر التمسك بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر.

وأضافت المصادر أن بوتين أبلغ الأسد قراره بالانسحاب من سوريا، وهو ما رأى فيه الأسد "ضربة قوية للحلفاء".

وذكرت المصادر أنها لمست استياء روسيا من تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبل أيام. وأوحت بأن بوتين طلب ترجمة حرفية لكل ما ورد في تصريحات المعلم، مشيرة إلى أن روسيا اعتبرت كلامه استفزازيا خصوصا أنه جاء تزامنا مع المفاوضات.