أكد العديد من المحامين المواطنين أن مهنتهم باتت مهددة بثلاثة أخطار تجعل من توطين المهنة مهمة صعبة، وتتمثل هذه الأخطار في انتشار ظاهرة محامي الظل، واستغلال بعض الممارسين المواطنين للمكاتب المسماة بأسمائهم في تأجير التراخيص، بالإضافة إلى قلة الخبرة الميدانية التي يعاني منها الخريجون الجدد والتي تدفعهم في كثير من الأحيان إلى الوقوع في براثن الخطرين الأولين.
وبناءً على ذلك رأى الكثير من المحامين الإماراتيين أن مثل هذه التصرفات تشوه "قداسة" المهنة مطالبين بإجراءات صارمة لمنع المتساهلين بذلك، في وقت أكدت وزارة العدل ودائرة الشؤون القانونية في دبي أن القانون تكفل بإيقاع إجراءات رادعة بحق المتلاعبين.
وبحسب صحيفة "البيان" المحلية، فقد طالب محامون مواطنون بترسيخ أهمية دور المحامي كأحد جناحي العدالة وتفعيل دوره الحقيقي بمنع الدخلاء من ممارسة أعمال تدخل في صميم مهنتهم، داعين إلى زيادة حجم الصلاحيات الممنوحة لجمعية الإمارات للمحامين والحقوقيين بالدولة ليشمل دورها إصدار تراخيص المحاماة على مستوى الدولة، وإشراكها وإشرافها قبل إصدار أي قرار أو قانون يتعلق بزيادة الرسوم أو الالتزامات أو أي قرارات أخرى تخص مهنة المحاماة، باعتبارها مظلة المحامين بالدولة.
لافتين إلى أن هناك حاجة ملحة للتصدي لظاهرة «محامي الظل» ووضع من يمارسونها في القائمة السوداء باعتبارهم «محتالون متخفون»، وقالوا إن استحواذ المكاتب القانونية الأجنبية على معظم الأعمال القانونية يؤثر بالسلب على دور المحامي المواطن ومصدر رزقه، مقترحين فرض تخصيص نسبة من العاملين لدى المكاتب للمحامين المواطنين، وإسباغ الحصانة على المحامي وتجريم كل من ينتحل صفته.
تدخلات جهاز الأمن العقبة الرئيسية
وكان جهاز أمن الدولة تدخل في أعمال جمعية الحقوقيين كما سيطر على جمعية المحامين، إذ قام عام 2013 بحل مجلس إدارة جمعية الحقوقيين وتعيين مجلس "موال"، أما جمعية المحامين فتم إدارتها بشخصيات محسوبة على جهاز الأمن من وقت مبكر.
و في مايو 2015 نشرت الأمم المتحدة تقريرا رسميا حول نتائج زيارة المقررة الأممية "غابرييلا كنول" للإمارات التي استهدفت الاطلاع من خلالها على النظام القضائي الإماراتي والوقوف على مدى استقلال القضاء والمحامين.
وكانت أولى انتقادات الأمم المتحدة على أوضاع المحامين في الإمارات، عدم وجود نقابة محامين ذاتية التنظيم ومستقلة تشرف على قبول المرشحين في مهنة المحاماة وتضع مدونة سلوك للمحامين، معتبرة أن تشكيل نقابة محامين أحد ضمانات استقلال المحامين.
وأشارت "كنول" بقلق إلى تدخل السلطة التنفيذية في قبول تسجيل المحامين وأنها تشارك في تأديب المحامين. وعبرت عن "جزعها اتجاه التقارير التي تفيد بتعرض محامين للتهديد والمضايقة والضغوط كونهم تولوا الدفاع عن متهمين في قضايا أمن الدولة"، وذكرت من بين الضغوط التي واجهها المحامون في قضايا أمن الدولة،" حملات التشهير العامة والترحيل التعسفي لغير الإماراتيين"، ونتيجة هذه المضايقات تقول "نول" إن المحامين يرفضون الدفاع في قضايا أمن الدولة ما يؤدي إلى انتهاكات خطيرة بحق المتهمين.
ويعتقل جهاز الأمن العشرات من المحامين وأساتذة القانون العام والقانون الدستوري والحقوقيين ووكلاء النيابة والقضاة منذ 2012 وحاكمتهم في محاكمة تصفها منظمات حقوق الإنسان بأنها "محاكمات جائرة ذات دوافع سياسية" بحسب العفو الدولية، بالسجن من 7 سنوات إلى 10 سنوات لمجرد مشاركتهم بالتوقيع على عريضة شعبية وطنية طالبت بتطوير وتعزيز استقلال القضاء.
معوقات فنية
وتناولت المحامية نادية عبد الرزاق بعض التحديات التي تواجه المحامي المواطن في الدولة أبرزها منافسة مكاتب الاستشارات القانونية الأجنبية للمحامي المواطن عن طريق قيامهم بأعمال المحاماة بطريقة غير مباشرة، في حين أنه يجب أن تقتصر مهنة المحاماة والاستشارات القانونية على المكاتب الوطنية التي يحق لها القيام بهذه المهنة من خلال مكاتبها سواء من خلال تقديم الاستشارات القانونية أو مباشرة ورفع الدعوى والمرافعة أمام المحاكم المختصة بالدولة.
وأثارت المحامية الشابة نقطة مهمة مطالبة بوقفها بصفة ضرورية وهي انتشار مكاتب الطباعة وقيامها بدور المحامي سواء بإعداد لوائح الدعاوى أو المذكرات أو إعداد العقود، وهو ما انعكس سلباً على عمل المحامي المواطن المرخص له القيام بتلك الأعمال وفقاً للقانون وليس لمكاتب الطباعة التي قد تتسبب بضياع حقوق الكثير من المتقاضين والتأثير سلباً على سمعة المحامي واسمه في الأوساط الاجتماعية بسبب افتقارها للخبرة القانونية والعمل المهني.
تدني الدخل
وتعتبر المحامية أمل السبيعي أن المحامي المواطن يواجه صعوبة في إيجاد المكتب المهني المناسب كونها قليلة ولا تتطلب أكثر من محام واحد في العادة، علاوة على تدني الدخل بسبب كثرة المحامين المقيدين بجدول المحامين والذي يتجاوز الـ60 سنوياً، علاوة على كثرة المحاكم في الدولة ما يجعله غير قادر على حضور الجلسات الخاصة به في جميع المحاكم باليوم نفسه، وتعتقد السبيعي أن المحامي يواجه صعوبة في فتح مكتب خاص به نتيجة كثرة المصروفات التي يتكبدها.