حذر الكاتب ديفيد هيرست -في مقال له بموقع ميدل إيست آي- البريطاني من أن تونس "منطلق الربيع العربي" تواجه اليوم خطر انقلاب محتمل بدعم خليجي ومصري وتواطؤ أطراف داخلية.
واستعرض المقال مسار العلاقة بين الرئيس الباجي قايد السبسي و"الأب الإسلامي للربيع العربي" (زعيم النهضة راشد الغنوشي) وخلفيات التحولات التي حصلت فيها الأشهر الماضية بعد الأزمة التي عصفت بحزب نداء تونس وانشقاق نحو نصف نوابه بالبرلمان عنه.
وقال إن وجود حركة إسلامية سلمية تتمتع بمهارات سياسية مثبتة في تونس يمثل شوكة في خاصرة بعض الأنظمة الدكتاتورية بالخليج ومصر، وهي التي لم تدخر وسعاً في محاولة إنهاء تجربة تونس الديمقراطية الغضة.
ورغم ذلك يذكر للسبسي والرجال المقربين منه -وفق الكاتب- أنهم نأوا بأنفسهم عن عروض تلقوها تعدهم بالحصول على كميات ضخمة من النقد السعودي والإماراتي، وفضلوا عوضا عن ذلك التمسك بتحالف جلب لتونس قدرا من الاستقرار السياسي.
وأضاف هيرست أن السبسي -الذي قاوم إغراءات أنظمة خليجية قبل أربعة أعوام- لم يعد الآن يقاومها، فقد زاره الملياردير المصري نجيب ساويرس يوم 19 من نوفمبر في قصر قرطاج بهدف "تطوير شراكات مع عدد من المؤسسات التونسية". وهي الزيارة التي فجرت غضب النشطاء الذين وصفوه بـ "عراب الانقلاب المصري."
ولاحقا، حدث تطور آخر ذو دلالة بهذا السياق، حيث وصل ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان إلى تونس، رغم الاحتجاجات التي انطلقت بطول البلاد وعرضها.
ومع أن وسائل الإعلام التونسية وصفت الزيارة بأنها إهانة لديمقراطية تونس بعد جريمة قتل خاشقجي، فإن السبسي رحب ببن سلمان وصفه بابنه، وأثنى على العائلة الحاكمة بالسعودية وأعاد التأكيد على "العلاقة الخاصة" بين البلدين.
وكشف هيرست في مقاله أن بن سلمان ترك وراءه في تونس ثلاثة من مستشاريه الخاصين، حيث يتم بهذه الأثناء جلب ما وصفه بـ "مدافع ثقيلة" أخرى إلى تونس، وليس أحد هذه المدافع سوى السفير الإماراتي الجديد بتونس راشد محمد المنصوري.
وتوقف عند بعض المحطات التي لعب فيها المنصوري أدوارا ملتبسة، فقد ساهم بقوة في إقناع زعيم الكرد العراقيين مسعود البارزاني بأنه لو توجه نحو الاستفتاء على الاستقلال فإن كردستان ستحظى بالدعم المالي من الخليج، ونتيجة لذلك قام منصور ابن البرزاني -الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي- بزيارة سرية إلى أبوظبي قبل شهر واحد فقط من الاستفتاء الذي أجري في 25 من سبتمبر.
وفي ختام المقال، تساءل الكاتب: هل ستجلس أوروبا التي تحكمها البرلمانات الديمقراطية على الهامش تتفرج وهم يخربون برلمان تونس؟ هل سيقف العالم متفرجا مرة أخرى في صمت ويترك طغاة الخليج يدبرون انقلابا آخر وتدخلا آخر؟