قالت مجلة لونوفيل أوبسرفاتور الفرنسية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تخلى عن ضرب إيران في اللحظة الأخيرة عندما أدرك عواقب التصعيد، واستدركت أن منطق الحرب غالبا ما يفوت الرجال.
وفي مقال المجلة، تساءلت الكاتبة سارة دانيال بشأن تراجع الولايات المتحدة عن الرد عسكريا على تدمير إحدى طائراتها المسيرة: هل يعني ذلك أنها أصيبت "بهزيمة دون حرب سترافقها آثارها وعواقبها لفترة طويلة؟"، في إشارة إلى تعليق رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل وهو يرفض معاهدة ميونيخ التي سمحت لألمانيا النازية بضم منطقة السوديت التابعة لتشيكوسلوفاكيا عام 1938.
ولفتت الكاتبة إلى أن ذلك هو ما يعتقده بالفعل الكثيرون في أميركا، وليس الأمر مقصورا على الصقور، مثل مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو ومديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل.
وقالت الكاتبة إن دونالد ترامب -على غير العادة- لم يستمع إلى دعوات هؤلاء الصقور للحرب، بل فضل أن يستمع إلى تحذيرات البنتاغون الذي أوضح له العواقب الوخيمة لأي تفجير للأزمة بين الولايات المتحدة وإيران، ولذلك أوقف بلباقة دبلوماسية غير معهودة تصعيد الأزمة التي تهدد بإحراق الشرق الأوسط.
وكان ترامب قد ذكر أنه ألغى في اللحظة الأخيرة الضربة العسكرية التي بدت في النهاية "غير متوازنة"، لأنها كان من الممكن أن تودي بحياة 150 شخصا مقابل فعل رجل "غبي" أسقط طائرة بدون طيار.
وتساءلت الصحفية مرة أخرى: هل يعني ما وقع أن شبح هذه الحرب التي لا يريدها أحد قد ابتعد؟ مؤكدة أنه لا الأميركيون -الذين يأملون عبثا فك الارتباط بهذا الجزء من العالم- يريدونها، ولا الإيرانيون الذين يمكن أن يخسروا كل شيء فيها -حتى نظامهم- يريدونها.1
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب لم يوقف هذه الحرب بسبب الأبعاد المأساوية للحروب الحديثة، بل لأنه ربما أدرك في وقت متأخر الأضرار التي يمكن أن تنجم عنها، من أزمة اقتصادية وزعزعة دائمة للاستقرار وصراعات ثانوية، ناهيك عن إعادة مشاركته الكاملة في أزمات هذه المنطقة التي كان قد وعد ناخبيه بالتخلي عنها كليا.
ومع ذلك -تقول سارة دانيال- فإن إستراتيجية ترامب المتمثلة في الضغط الأقصى وانسحابه من جانب واحد من الصفقة النووية الإيرانية التي أبرمت عام 2015 هي التي قادته بعيدا إلى منطق الحرب هذا.
وقالت المجلة إن هذه المواجهة السخيفة والخطيرة الآن أصبح لها منطقها الخاص، حيث تحول ترامب والمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي إلى أدوات يسيرها القدر، ويخشى أن تكون سبب تدمير أصحابها، إذ يستمر كل منهما على موقفه، فيواصل ترامب الضغط بقوة أكبر فأكبر لخنق إيران عن طريق العقوبات، كما يواصل الإيرانيون استفزازاتهم من أجل تخفيف القبضة التي تخنقهم.
ويقول دبلوماسي يعمل في محاولة تخفيف التصعيد بالمنطقة إنه "يجب أن نسمح لإيران بأن تتنفس"، و"ينبغي أن تكون الجزرة بالنسبة لها هي فرصة زيادة صادراتها النفطية مقابل الالتزام بتخفيف تدخلها في المنطقة".
ومع ذلك، رأت المجلة أن مثل هذا التنازل للإيرانيين قد يبدو للأميركيين علامة ضعف جديدة يستحيل عليهم تحملها، مما يعني أن الخطر بعيد من أن يكون قد تلاشى.