أحدث الأخبار
  • 01:34 . قتلى وجرحى في اشتباكات عنيفة بين القبائل وقوات مدعومة من أبوظبي شرقي اليمن... المزيد
  • 12:37 . ترامب يعلن توجيه ضربة عسكرية لتنظيم الدولة في نيجيريا... المزيد
  • 11:54 . صدور مرسوم بقانون اتحادي لتعزيز السلامة الرقمية للطفل... المزيد
  • 11:36 . تأييد خليجي وعربي لموقف السعودية الرافض للتصعيد في اليمن... المزيد
  • 11:32 . بعد زيارة السعودية ومصر.. البرهان يبحث في أنقرة تعزيز العلاقات والمستجدات الإقليمية والدولية... المزيد
  • 11:32 . بيان إماراتي يرحّب بجهود السعودية في اليمن دون التطرق لتصعيد الانتقالي في حضرموت والمهرة... المزيد
  • 11:31 . الداخلية السورية تدعو المنشقين الراغبين بالعودة للخدمة إلى مراجعتها... المزيد
  • 10:28 . مسؤول أمريكي سابق: أبوظبي استخدمت ثروتها ونفوذها السياسي لتأجيج الصراع في السودان... المزيد
  • 08:40 . سلطان القاسمي يوجه بتسكين جميع الأئمة والمؤذنين في مساجد الإمارة على كادر حكومة الشارقة... المزيد
  • 02:41 . دبي تدخل المرحلة الأخيرة من حظر المنتجات البلاستيكية أحادية الاستخدام... المزيد
  • 02:31 . "أطباء السودان": الدعم السريع تحتجز 73 امرأة و29 طفلة... المزيد
  • 12:10 . الإمارات تسلّم "زعيم شبكة لتهريب البشر" إلى السلطات الهولندية... المزيد
  • 11:57 . الدكتور يوسف اليوسف: على أبوظبي مراجعة سياساتها بعد أن أصبح اسمها مقروناً بالتعاون مع الأعداء... المزيد
  • 11:45 . مواطنون يقترحون حوافز مالية وتقليص دوام الأمهات لمواجهة تراجع المواليد... المزيد
  • 11:16 . السعودية تحذّر المجلس الانتقالي من التصعيد في حضرموت والمهرة... المزيد
  • 10:32 . الإمارات ترحب باتفاق تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين... المزيد

لا مستقبل بدون الهوية العربية الجمعية

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 13-07-2019

لا مستقبل بدون الهوية العربية الجمعية | القدس العربي

في مؤتمر حضرته مؤخرا طرح موضوع الهوية العروبية الجمعية، الذي تسعى بعض أنظمة الاستعمار الغربي، بالتناغم التام مع النظام العنصري الصهيوني في فلسطين المحتلة، وبتعاون من قبل بعض الكتاب والأجهزة العربية، تسعى جميعها إلى تشويهها وإضعافها في الذاكرة الجمعية العربية.
عملية التشوية والإضعاف تلك تستعمل كسلاح ناعم في حروب متنامية لمزيد من تجزئة الوطن العربي، وإدخال حكوماته وشعوبه في صراعات وحروب أهلية لا تخمد في مكان حتى تشتعل في مكان آخر، تمهيدا لقيام الدويلات الطائفية أو العرقية أو القبلية، وبشرط بقاء تلك الدويلات الجديدة تحت المظلة الاستعمارية ـ الصهيونية المشتركة واندماجها الكامل، كتابع ذليل مستهلك، في النظام العولمي النيوليبرالي الرأسمالي.
من يريد أن يتعرف على أهداف ووسائل عمليات التشويه تلك ما عليه إلا أن يقرأ كتابات المستشرق الأمريكي الصهيوني برنارد لويس، وما نادى به رئيس الكيان الصهيوني السابق شمعون بيريز بشأن الشرق الأوسط الجديد، وتفاصيل مشاريع مثل «الحلف من أجل المتوسط» أو «الشرق الأوسط الكبير الجديد»، وما يكتبه الآن بعض العرب من الذين تخلوا عن أي التزام وطني أو قومي. 

قوى الشر والتآمر تلك تعتقد أن فرصتها التاريخية لإنجاح خططها توجد في اللحظة الحالية التي تعيشها الأمة العربية وتحياها الأرض العربية بكاملها.
لنعد إلى موضوع الهوية.. ما لفت انتباهي هو الاهتمام غير الطبيعي الذي أعطاه بعض المتحدثين والمحاورين في ذلك المؤتمر للهويات الفرعية، الدينية والمذهبية والإثنية واللغوية، واعتبار وجودها إشكالية تتشابك وتتصارع مع الهوية العروبية الجمعية. وهو طرح غير موضوعي، إذ إن الإنسان العربي، مثل غيره في كثير من بلدان العالم، يمكن أن تتعايش في ذهنه ومشاعره عدة هويات فرعية، طالما أنها تتعايش بسلام وتسامح من جهة، وطالما أنها لا تتقدم على الهوية الجمعية التي تسعى لقيام أمة واحدة غير مجزأة في وطن واحد غير مجزأ، ولا تتنافس معها من جهة ثانية. 

الهوية العروبية الجامعة لا يمكن أن تتعارض مع كون الإنسان العربي أيضا كرديا أو أمازيغيا، سنيا أو شيعيا أو درزيا، مصريا أو عمانيا أو مغربيا، فردا منتميا لهذه القبيلة أو العشيرة أو تلك، إنها بالعكس، تعتبر الهويات الفرعية ومكوناتها اللغوية والثقافية والدينية مصدر إثراء لها ومصدر تجديد دائم لمكوناتها.

الهوية العروبية الجامعة لها مكوناتها الخاصة بها مثل، اللغة العربية الأم والتاريخ الطويل المشترك، وأشكال كثيرة من التعبيرات الثقافية والفنية والسلوكية المشتركة، وبالتالي الأحلام والآمال المشتركة، كل ذلك كون «الأنا» الجمعية العربية المشتركة. وهي ليست جامدة ومنغلقة على ذاتها التاريخية، ذلك أن كل حقبة زمنية تطرح على تلك الهوية، على «الأنا» أسئلة جديدة تستدعي مراجعة مكونات الهوية، حتى تتخلص من أي جوانب وممارسات سلبية، وحتى تضيف محلها جوانب وممارسات إيجابية جديدة، من خلال تحليلات موضوعية نقدية تجاوزية، وبدون أي خوف أو تردد.
الهجمة الاستعمارية ـ الصهيونية الحالية هي لمنع طرح أسئلة التجديد في هذه الهوية وأسئلة ربطها بالواقع العربي. الأسئلة ستكشف للإنسان العربي أن تجزئة وطنه إلى دول وبناء أمته على أسس الهويات الفرعية، هي التي أضعفته في حقول السياسة والاقتصاد والأمن والعلم والثقافة وجعلته مستباحا ومنهوبا ومهيمنا على كل مقدراته. وستكشف أن خطابات ومواقف سياسية عربية واحدة، وأن اقتصادا مشتركا واحدا، وأن قوة عسكرية واحدة، وأن ثروة الوطن العربي كله هي للأمة العربية كلُها…. أن كل ذلك سيؤدُي إلى إخراج العرب كلهم من الضعف والتخلف والتهميش والعيش على أطراف حضارة العالم.
لكل تلك الأسباب تحتاج قوى المجتمعات العربية كلها أن تضع جهدا هائلا لحماية وتقوية وتجديد الهوية العروبية الجمعية. هذا الجهد يحتاج أن يبدأ في البيت، ليمر في المدرسة والجامعة، ولينتهي في مؤسسات السياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام في طول وعرض بلاد العرب، ويحتاج أن يركز على إعادة الاعتبار للغة العربية الأم: تكلما وكتابة وقراءة، ولتعميق الوعي المتزن بالمشترك في التاريخ والجغرافيا والثقافة والفكر والقيم الروحية والأخلاق، وللإقناع العلمي بالأهمية الكبرى لأهداف أمة العرب النهضوية في المستقبل مثل، وحدتها واستقلالها وتجديدها الحضاري وانتقالها إلى نظام ديمقراطي عادل وبنائها لمجتمعات إنسانية في الحقوق والمسؤوليات.

المحاولة الحالية الخبيثة لإيجاد شكوك وفوضى فكرية وشعورية بالنسبة للهوية العربية الجمعية، هي أحد السموم التي يراد لشباب وشابات الأمة العربية أن يتجرعوها حتى يسهل تدمير هذه الأمة. موضوع الهوية هو موضوع وجودي، ويجب أن يعالج كموضوع حياة أو موت.