كشفت صحيفة «لوموند» الفرنسية، نقلاً عن مصادرها الخاصة، أن السعودية مولت عمليات مرتزقة فاغنر الروس الذين يقاتلون في ليبيا إلى جانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا.
الصحيفة الفرنسية أشارت أيضاً في التقرير الذي نشرته، السبت، إلى أن دعم حفتر، «ليس أكثر من أداة ضغط تفاوضية استخدمتها روسيا لتثبيت وجودها في ليبيا كلاعب رئيسي».
كما أشارت إلى أن تقريراً أممياً كشف أن مقاتلين أجانب قادوا ستين غارة جوية دقيقة، من أصل 170 شنها طيران موال لحفتر على العاصمة طرابلس. ونقلت لوموند عن خبراء قولهم إن هؤلاء المقاتلين من مصر والإمارات.
بينما اعتبرت الصحيفة أن غياب الدول الأوروبية عن الساحة الليبية واختلاف مواقفها وتضارب مصالحها، إضافة إلى التجاهل الأميركي لما يقع في البلد، كل ذلك فتح الباب أمام روسيا وتركيا لتجدا موطئ قدم في ليبيا.
في أواخر ديسمبر 2019، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن بلاده «لا يمكنها أن تلزم الصمت حيال مرتزقةٍ مثل مجموعة (فاغنر)، التي تساندها روسيا وتدعم قوات خليفة حفتر في ليبيا». وأضاف أردوغان: «إنهم يعملون حرفياً مرتزقةً لحساب حفتر في ليبيا من خلال المجموعة المسماة فاغنر».
من جانب آخر، تقول الصحيفة إن روسيا تدخلت في الصراع الليبي لأنها وجدت فراغاً في السلطة يمكن ملؤه بأقل تكلفة، كما أنها ترى فيما يجري في الساحة الليبية فرصة لعقد صفقات سلاح ضخمة.
صارت روسيا طرفاً كبيراً في المعادلة، مع بصمةٍ عسكرية مرعبة وعلاقات جيدة مع كافة الأطراف الرئيسية المتعارضة الكبرى، بدءاً من إسرائيل ووصولاً إلى السعودية مروراً بسوريا وتركيا، حسبما ورد في تقرير لمجلة Politico الأمريكية.
يبدو أن الأمور تسير على هوى بوتين دون شك. إذ احتفى الزعيم الروسي بعيد الميلاد الأرثوذكسي في السابع من يناير، حين زار دمشق للمرة الأولى منذ بدأت قواته الجوية في قصف أهداف المعارضة عام 2015، من أجل تقييم نجاح روسيا في تغيير مجريات النزاع.
من المرجّح أنه استمتع بزيارته. إذ يجري الآن قصف المعارضة بالغارات الجوية داخل آخر معاقلها في إدلب (رغم حظر إطلاق النار مؤخراً)، وانكمش تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في صورة بقايا صغيرة من خلافته المزعومة، وتراجعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأكراد إلى أقصى شمال شرق سوريا تاركين للقوات الروسية السيطرة على قواعدهم الخالية.
وسائل إعلام أمريكية نشرت تقارير ميدانية عن أساليب قتال المرتزقة الروس التي تختلف كثيراً عن طريقة قوات حفتر في ميدان المعركة.
وتقول صحيفة «واشنطن بوست» في أحد تقاريرها الإعلامية: «المقاتلون الليبيون من كلا الجانبين غير منضبطين، وغالباً ما يطلقون النار بشكل مفرط وعشوائي على الأهداف، ويقول مقاتلو القوات التابعة لحكومة الوفاق إن الروس على النقيض من ذلك، ينتقلون في مجموعات صغيرة، ويهاجمون من مواقع جانبية، معظمهم في الليل أو في ساعات الصباح الباكر، إذ يحافظ الروس على ذخيرتهم، ويطلقون النار في لحظات مثالية بدقة».
صحيفة نيويورك تايمز من جهتها أشارت إلى أن «الجرحى الذين كانوا ينقلون إلى مستشفى العزيزية الميداني، كانوا يحضرون بجروح مفتوحة وأطراف مهشمة، وهم ضحايا قصف مدفعي عشوائي، إلا أن عمال الإغاثة الصحية باتوا يرون شيئاً جديداً، ضحايا ينقلون برصاص يضرب الرأس، ويقتل مباشرة، ولا يغادر الجسد».