أحدث الأخبار
  • 11:32 . موسكو تعلن دخول سفن حربية روسية إلى البحر الأحمر... المزيد
  • 10:30 . 111 مليون مستفيد في 105 دول من مبادرات محمد بن راشد العالمية في 2023... المزيد
  • 02:24 . ‫احترس.. هذه العوامل ترفع خطر تضخم البواسير... المزيد
  • 02:07 . إصابة ثلاثة مستوطنين بإطلاق نار على حافلة بأريحا والاحتلال يغلق المدينة... المزيد
  • 01:32 . الجيش الأميركي يعلن تدمير أربع مسيّرات حوثية فوق البحر الأحمر... المزيد
  • 01:28 . حاكم الشارقة يطلق المرحلة الثانية من موسوعة التفسير البلاغي وأولى موسوعات مناهج إفراد... المزيد
  • 01:00 . "الوطني الاتحادي" يعتمد توصية بضوابط موحدة للإعلانات الغذائية الإلكترونية... المزيد
  • 12:22 . مساهمو "أدنوك للتوزيع" يعتمدون سياسة جديدة لتوزيع الأرباح... المزيد
  • 12:19 . "طاقة" و"جيرا" اليابانية تتعاونان لتطوير محطة كهرباء بالسعودية... المزيد
  • 05:50 . سخط إماراتي ومقاطعة لسلسلة مطاعم بعد مشاركة مالكتها مقطع فيديو مؤيد للاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 05:02 . محتالون يخدعون المستثمرين بملايين الدراهم بانتحالهم صفة شركة وساطة كبرى... المزيد
  • 04:44 . 155 ألف أصل سيبراني ضعيف.. الهجمات السيبرانية تقلق الشركات في الإمارات... المزيد
  • 04:32 . عقوبات أمريكية ضد كوريا الشمالية تستهدف شركة مقرها الإمارات... المزيد
  • 04:20 . حكومة الشارقة تنفي إشاعة تغيير بالأذان وتؤكد عدم السماح بالمساس في الثوابت الدينية... المزيد
  • 04:15 . لماذا يعزف الشباب الإماراتي عن إمامة المساجد؟... المزيد
  • 04:15 . في إساءة للدولة.. إعلام أبوظبي ينشر مقارنة بين "مجاعة غزة" و"تطور الخليج"... المزيد

"تراجع إنجاب" أم "انخفاض إخصاب".. الإماراتيون يواجهون التهديد الوجودي الأكثر خطورة في تاريخهم!

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 26-01-2020

بينما لا تزال المبادرات والخطط والسياسات الحكومية تتناسل أكثر من تكاثر الإماراتيين أنفسهم، صُعق الشعب الإماراتي بإحصاءات رسمية حكومية متخصصة تؤكد تراجع الإخصاب لدى المرأة الإماراتية. وبعد نحو أسبوعين من الجدل تدخلت صحيفة "البيان" الحكومية الرسمية في القضية، لتضيف للمسألة غموضا وحيرة وقلقا مع أنها استهدفت العكس، وهو مؤشر كاف على عمق المشكلة وعدم شفافية التعاطي معها. فما الذي يواجهه الإماراتيون اليوم من تهديد في بلادهم بعد تحولهم بالفعل لأقلية بسبب تواجد ملايين المهاجرين، وبعد مظاهر دخيلة سلبية لا تتوقف؟! وهل حقا، يواجه الإماراتيون تهديدا وجوديا أم أن الأمر ينطوي على مبالغة؟!

ما هي الأطر النظرية لحماية الوجود الديمغرافي في الإمارات؟

في نوفمبر 2019، اعتمدت دولة الإمارات "سياسة حماية الأسرة"، لتضاف إلى ترسانة تشريعية موجودة بالفعل. وتشمل هذه المنظومة 16 قانونا اتحاديا تخص الأسرة، و6 لوائح تنفيذية، و7 اتفاقيات ومواثيق دولية، باستثناء، أهمها، وهو العهد الدولي الخاص للحقوق الاجتماعية والثقافية، و8 سياسات وطنية، من بينها، السياسة المشار إليها أعلاه. وكذلك: السياسة الوطنية للأسرة 2018، والاستراتيجية الوطنية للأمومة والطفولة، واستراتيجية دعم استقرار الأسرة في إمارة أبوظبي 2018- 2025، وغيرها.

وكان مجلس الوزراء، قد أبلغ المجلس الوطني الاتحادي، في أكتوبر 2019، أن الحكومة لا تزال بصدد دراسة عدة توصيات برلمانية حول موضوع سياسة وزارة تنمية المجتمع في شأن بناء الأسرة، أبرزها: مضاعفة علاوة الأبناء، لتشجيع المواطنين على الإنجاب، وصرف علاوة المواليد الجدد للمتقاعدين، وتقديم الدعم المادي للأم (ربة المنزل) لدعمها في أداء دورها الأسري. ولا تزال الحكومة تدرس!

ومع ذلك، لم تفلح حتى الآن هذه السياسات بمواجهة المشكلة الديمغرافية الإماراتية الأكثر تهديدا على مستوى العالم، وتثير لدى الإماراتيين الخوف والقلق أكثر مما تثيره المعضلة الديمغرافية للإسرائيليين. فالوجود الإماراتي ومنذ اكتشاف البترول وتحول دولتهم إلى قبلة الملايين حول العالم، بات يواجه المزيد من التحديات. وفي أحسن الأحوال يشكلون اليوم ما نسبته 9% من سكان الدولة، فإذا ما أضيفت هذه المشكلة الخطيرة الراهنة، فإن الأقلية سوف تواجه المزيد من التلاشي والاضمحلال، ما لم يكن هناك مواجهة جادة لأزمة الوجود.

وفوق ذلك، ماذا تقول الإحصاءات الرسمية بشأن إخصاب المرأة الإماراتية؟

بحسب التقرير الإحصائي السنوي لعام 2018، والصادر عن هيئة الصحة في دبي، في 12 يناير الجاري، كشف أن معدل خصوبة المرأة الإماراتية، خلال خمس سنوات (2014-2018)، تراجع ليصل إلى 3.2 أطفال لكل امرأة، بعد أن كان 5.2، بنسبة تراجع بلغت 38.5%.   

وأظهر التقرير أن عدد المواليد في إمارة دبي لعام 2018 هو 29 ألفاً و993 مولوداً حياً، بمعدل مواليد 9.7 لكل 1000 من السكان، بانخفاض 24.8% عن عام 2014. وهي نسبة انخفاض تكاد تكون "كارثية".

 كيف ناقضت صحيفة حكومية جهة حكومية متخصصة؟

وبعد نحو أسبوعين من هذه الإحصاءات الصادمة، وفي 26 يناير الجاري تحديدا، صحيفة البيان الحكومية الرسمية، تحاول "تلطيف" هذه البيانات و"تهدئ" روع الإماراتيين، ولكنها لم توفق في التمييز بين تراجع الانجاب وتراجع الإخصاب.

"البيان" نقلت عن الطبيبة "حسنية قرقاش"، قولها: "ما يقال عن تراجع نسبة الإخصاب، هي تخمينات واجتهادات شخصية، لا تستند إلى حقائق قائمة على دراسات وأبحاث على مستوى الدولة، وإنما يتم ربطها بتراجع نسبة الإنجاب". فالطبيبة تقول: في الإمارات مشكلة "خفض انجاب" وليس مشكلة "تراجع إخصاب". ولكن الطبيبة لم تنتبه أنها تناقض جهة إحصائية طبية رسمية، هي نفسها تعمل موظفة لدى هذه الجهة!

الصحيفة،  أيضا، أخفقت في طمأنة الإماراتيين رغم استعانتها بأطباء متخصصين في العقم والإنجاب، وفشلوا جميعا في التفريق بين "تراجع الإنجاب" و"انخفاض الإخصاب". ففي الحالة الأولى، يكون هناك قرار اختياري من جانب زوجين بوقف الإنجاب، أما في الحالة الثانية، فهناك عوائق صحية خارجة عن إرادة الزوجين، وهو ما يشكل تهديدا طبيا محدقا، يحتاج إلى برامج علاج طبية لا تحويل الأطباء إلى أخصائيين اجتماعيين!

وبناء على ذلك، كيف تعاملت الجهات المعنية مع هذا التهديد؟ 

في دول أخرى، ينظر إلى "تراجع الإنجاب" أو تراجع الإخصاب" بخطورة بالغة، ويعتبر مشكلة "أمن قومي"، وليس إسرائيل وأوروبا والصين إلا أمثلة في هذا المجال، مع اختلاف كل حالة عن الأخرى. حتى السينما المصرية تناولت هذه القضية أكثر من مرة واعتبرته من مهددات الامن القومي المصري، وفق ما جسده الممثل عادل إمام في فيلم "النوم في العسل"!

وبينما جهاز أمن الدولة لدينا، لا وقت لديه لدراسة هذه الأزمة، ترك للإعلام وبعض الأطباء مهمة مخاطبة الإماراتيين ما أوقعهم جميعا في تناقض مكشوف، بل وكشف إخفاقهم في التعامل مع القضية برمتها، عندما لم توفق هذه الجهات في التمييز بين الأسباب والنتائج من جهة، وعندما لم تنتبه أن المبررات التي ساقتها سواء "لتراجع الإنجاب" أو "لتراجع الإخصاب"، إنما يدين الجهات الحكومية الرسمية ويظهر فشلا ملحوظا لجميع المبادرات والسياسات في هذا المجال، وفق مراقبين.

مديرة مركز دبي للأمراض النسائية والإخصاب، هناء طحوراة، قالت لصحيفة "الإمارات اليوم" وهي تعلق على التقرير الرسمي بتاريخ 12 يناير: إن أبرز الأسباب في تراجع الإخصاب هو "تأخر سن الزواج، وتغير نمط الحياة".

وعزا التقرير الرسمي سبب "تراجع معدل الخصوبة إلى عوامل عدة، من بينها العوامل الاقتصادية، وعوامل اجتماعية، منها على سبيل المثال الإقبال المتزايد على التعليم وزيادة فرص العمل للنساء".

ويقول مراقبون: ما قالته "طحوراة"، هو عوامل تؤثر في انخفاض الإنجاب وليس في انخفاض الإخصاب. وقد لاحظ المراقبون، أنه لم يجرؤ أي طبيب أو جهة أن يقدم تفسيرا علميا واحدا على تراجع الإخصاب، بينما أسهبوا جميعا في شرح تراجع الإنجاب، إما لأنهم لم يميزوا بين المفهومين أو لأنهم يعتقدون أن تلك هي الأسباب لتراجع الإخصاب والإنجاب معا، أو أنهم يعتقدون أن الإماراتيين غير قادرين على التمييز بين الأمرين.

"طحوارة"، أشارت بشكل خاطف لمشكلة الإخصاب، إذ قالت: "نجح مركز دبي للإخصاب في تنفيذ مبادرات وبرامج مجتمعية لرفع مستوى الوعي الصحي، والوقاية من الأمراض التي تؤثر في الخصوبة، والتعاون مع الجهات المعنية، وإلقاء محاضرات علمية، وتكثيف البرامج التوعوية المتعلقة بالخصوبة لدى الرجل والمرأة، المتعلقة بمضار السمنة والتدخين وغيرهما".

ومع ذلك، عادت صحيفة "البيان" لتنقل عمن وصفتهن بطبيبات اختصاصيات في الولادة والعقم، قولهن: "إن تراجع نسبة إنجاب المواطنين في الدولة لا يعني انخفاضاً في نسبة الإخصاب، وإن تأخر سن الزواج وارتفاع تكاليف المعيشة من الأسباب الرئيسية في تراجع الإنجاب". وهذا التصريح يُكذب المعطيات الرسمية، ولا يعترف بوجود مشكلة "إخصاب" وإنما فقط مشكلة "إنجاب"، مع تحول الطبيبات إلى مرشدات اجتماعيات!

وقالت طبيبات أخريات: إن "من بين الأسباب (في تراجع الإنجاب) توجه المواطنين لتبني فكرة الأسر النووية التي لا يزيد عدد أفرادها على 5 أسوة بما هو متبع في العديد من الدول، نظراً لانشغال الزوج والزوجة بالعمل والتنافس للحصول على أفضل الفرص، خاصة وأن الدولة بدأت منذ سنوات بإعطاء الشباب المواطن سواء الذكور أو الإناث فرصة لتولي المناصب القيادية، وهو ما يتطلب منهم التركيز على العمل أكثر من التركيز على بناء أسرة كبيرة".

ويشير مراقبون، إن ما تقدمه الطبيبات ليس أكثر من تبرير لضعف الإنجاب، وهو في المحصلة يعني أن ما يسمى "تمكين المرأة" يأتي على الحساب الوجودي للشعب الإماراتي، وأن الخطط الحكومية في العمل والإنتاج والسياسات الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب الغلاء وارتفاع تكاليف الحياة إنما هي عوامل سببها الجهات الحكومية نفسها والتي بدأت تضرب الوجود الإماراتي الديمغرافي في العمق. علما أننا نتحدث، هنا، عن أسباب يمكن تجنبها لمضاعفة الإنجاب، ولكن المشكلة الرئيسية التي لا إجابات بشأنها حول "تراجع الإخصاب"، وأسبابه!

وإذا أخذنا بتفسير الطبيبات، والظروف المعيشية الصعبة، وتقليد الدول الأخرى، فهل سنشهد في المجتمع الإماراتي ظاهرة تربية الحيوانات البيتية الأليفة بدل إنجاب الأطفال، كما هو الحال في الدول الغربية؟! يتساءل الإماراتيون، وهم يساورهم الشك والقلق على مستقبلهم أكثر من أي وقت مضى، إلى جانب تراجع الثقة لديهم في المبادرات والسياسات التي لا حظ لها على أرض الواقع، وهم يجدون أنفسهم في مواجهة تهديدات لا تنتهي، بدءا من طوفان الأجانب بدون مبرر، إلى "تراجع الإنجاب" أو "تراجع الإخصاب"، ففي المحصلة، الشعب الإماراتي هو الذي يدفع الثمن ليس من رفاهيته ومعاشه فقط وإنما من وجوده أيضا!