كشفت عدة مصادر متطابقة مقربة من القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، عن أنه دفع مؤخرًا تسوية مالية قضائية ضخمة، لموقع «ميدل إيست آي» البريطاني، الذي يرأس تحريره الكاتب المعروف ديفيد هيرست.
وقالت المصادر المقربة من دحلان التي تحدثت لموقع «عربي21» بشرط عدم الكشف عن هويتها: إن دحلان، الذي يعمل مستشارًا لولي عهد أبوظبي، دفع بالفعل تسوية مالية تتجاوز النصف مليون دولار أمريكي للموقع البريطاني، بعد أن ظل يماطل لمدة سنة كاملة بدفع التسوية، منذ تراجعه عن مقاضاة الموقع بسبب تقرير قال إن دحلان لعب دورًا في تدبير الانقلاب الفاشل ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في يوليو من عام 2016.
وبحسب المصادر المقربة من دحلان، فإن الأخير اضطر لدفع التسوية التي فرضتها محكمة بريطانية؛ رغبة في إغلاق الملف، وتجنبًا لرفع أي دعاوى قضائية تجبره على دفع هذه المستحقات، ولمنع إثارة شكاوى جديدة ضده في ظل حالة النقد الشديد التي يتعرض لها، بعد نشر مواقع «إسرائيلية» تقارير عن دوره في الوصول إلى اتفاق التطبيع الإماراتي مع الاحتلال، وهو ما دفع أطرافًا فلسطينية مختلفة لاتهامه بالتآمر على القضية الفلسطينية.
وحاول الموقع المذكور الحصول على تعليق من موقع «ميدل إيست آي» على هذه الأنباء، ولكنها لم تتلق ردًّا حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
وبحسب خبراء بالشؤون الإعلامية، فإن إقرار دحلان بخسارة القضية، والتزامه بدفع التسوية المالية، يؤكدان صحة الموقف المهني لموقع «ميدل إيست آي» في التقرير الذي كان سببًا في رفع دحلان لتلك الدعوى.
وكان دحلان قد أقام دعوى قضائية أمام محاكم لندن ضد الموقع الإلكتروني، زاعمًا عدم صحة المعلومات التي نشرها الموقع عن دوره في تدبير المحاولة الانقلابية الفاشلة لإطاحة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، منتصف عام 2016م. وتتعلق الدعوى بمقال كتبه هيرست بعد أسبوعين على محاولة الانقلاب في يوليو 2016، ونقل هيرست في مقاله آنذاك عن مصدر أمني تركي رفيع المستوى تأكيده أن «الإمارات تعاونت مع مدبري محاولة الانقلاب على أردوغان، وأن محمد دحلان كان الوسيط بينهم وبين أبوظبي».
وبعد حوالي عام كامل من نشر موقع «ميدل إيست آي» مقال هيرست، أقام دحلان دعوى قضائية ضد الموقع والكاتب أمام القضاء البريطاني، وبحسب المرافعات التي تقدم بها الموقع البريطاني أمام المحكمة آنذاك، فإن «دحلان لا يتمتع بسمعة جيدة داخل بريطانيا، ولا في الشرق الأوسط، ولا في منطقة الخليج، وبالتالي فإن مطالبه بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بسمعته من جراء المقال لا معنى لها». وبسبب انسحاب دحلان من دعواه القضائية قبل عام، فقد ألزمته المحكمة بكافة مصاريف المحاماة للطرفين وتكاليف القضية كاملة.
وعند انسحابه من القضية، زعم دحلان في تغريدة على «تويتر» أنه «حقق أهدافه من الدعوى القضائية أمام المحاكم البريطانية»، وأشار إلى أنه «يواصل حاليًا قضيته ضد شركة «فيسبوك» أمام المحكمة العليا في دبلن»، فيما وصف موقع «ميدل إيست آي» انسحاب دحلان من القضية بأنه «انتصار قانوني»، وقال رئيس التحرير، ديفيد هيرست، تعليقًا على ذلك: «صحافتنا مصانة، والمقال الذي نشرناه في عام 2016 ما يزال منشورًا على الموقع وبصيغته الأصلية».
وعلى صعيد متصل، قدمت النيابة العامة التركية قبل أيام طلبًا للبوليس الدولي «الإنتربول» بإصدار «مذكرة بحث حمراء»، بتهمة التواصل مع عملاء في تركيا يتجسسون لصالح الإمارات، وقالت وكالة الأناضول الرسمية إن دحلان مدرج في القائمة التركية الحمراء للمطلوبين بتهمة «الإرهاب»، للاشتباه بتمويله محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016م، وبمحاولة إطاحة النظام الدستوري في البلاد.
يشار إلى أن موقع «ميدل إيست آي» هو أحد أشهر المواقع المتخصصة في أخبار الشرق الأوسط والمنطقة العربية والناطقة بالإنجليزية على مستوى العالم، ويعمل فيه مجموعة من الصحافيين البريطانيين والعالميين.
ويرأس تحريره الصحافي البريطاني المعروف، ديفيد هيرست، المتخصص في أخبار المنطقة العربية منذ نحو ثلاثة عقود، والذي سبق أن عمل في كبريات الصحف العالمية، كان آخرها عمله محررًا مسؤولًا عن افتتاحية صحيفة «الجارديان» البريطانية المخصصة للشؤون الخارجية.